كيف تحققت إيرادات البنوك المصرية فى 2015

 68.2 مليار جنيه إجمالى عوائد 23 مصرفًا خلال 9 شهور
■ السباق يكشف عن تقدم كبير لأدوات الدين على القروض
■ الأتعاب والعمولات ثالث أهم مصدر بنسبة %10.35.. %2.19 لدخل المتاجرة
■ «الاستثمارات المالية» الأقل مساهمة بنسبة لا تتعدى %0.64
■ ماجد فهمى: الزيادة فى الائتمان لم تستوعب قفزة الودائع.. و2016 عام صعب
■ محمد بدرة: تدنى معدلات التوظيف وراء ضعف مساهمة الائتمان

أمانى زاهر

يبدو أن نشاط البنوك الخاصة فى منح الائتمان لم يكن كافياً لانعكاس ذلك على ربحيتها التى ما زالت أدوات الدين الحكومية تمثل الداعم الأساسى لها عبر استحواذها على النسبة الأكبر من مجمل إيرادتها بنهاية سبتمبر الماضى.

وكشف مسح، أجرته «المال» على نتائج أعمال 23 بنكاً من القطاع الخاص بنهاية سبتمبر الماضى، عن زيادة إيرادات البنوك المجمعة بأكثر من 15.6 مليار جنيه لتبلغ 68.2 مليار، مع ملاحظة ارتفاع نسبة مساهمة عائد أدوات الدين الحكومية بنحو %2.72 فى تلك الإيرادات لتستحوذ على %44.72 منها بدلاً من %42 بسبتمبر 2014.

وعلى الجانب الآخر تراجع نصيب النشاط الائتمانى للخلف بأكثر من %1.54 لتهبط حصته إلى %35.13 من إجمالى الإيرادات.

وارتفعت قيمة إيرادات القروض بأكثر من 4.6 مليار جنيه لتصل إلى 23.9 مليار، فى حين سجل عائد أدوات الدين قيمة أكبر بلغت 8.4 مليار، لتصل إلى 30.5 مليار جنيه.

وواصلت البنوك المحلية تحقيق طفرة فى نمو صافى أرباحها خلال التسعة شهور الأولى من العام 2015 وسط توقعات بصعوبة تحقيق نفس المعدلات خلال العام الجارى الذى يعتبره كثير من المصرفيين العام الأصعب على إدارات البنوك المحلية نتيجة أزمة نقص العملة الأجنبية وارتفاع متوسط تكلفة الأموال بالبنوك بالتزامن مع تباطؤ الاقتصاد العالمى وانهيار أسعار النفط.

وتراوحت معدلات نمو الربحية بين %17 و%370، باستثناء بنكى مصر إيران ومصرف أبوظبى الإسلامى اللذين حققا تراجعا بمعدلات %3.8 و%31، مع استمرار بنك قناة السويس عند نقطة التعادل بين المصروفات والإيرادات.

وتمكن البنك الأهلى الكويتى "بيريوس" سابقاً من تحقيق طفرة فى نمو الأرباح بفضل تحوله إلى الربحية بقيمة %86.9 بعد تكبد خسارة قدرها 32.2 مليون جنيه خلال نفس الفترة من عام 2014.

واقتنص بنك الاتحاد الوطنى ثانى أسرع البنوك نمواً مركز الوصيف بمعدل بلغ %217.4 لتقفز أرباحه إلى 111.4 مليون جنيه.

وعلى الجانب الآخر تصدر البنك التجارى الدولى قائمة البنوك الأكثر تحقيقاً للأرباح بقيمة 4.9 مليار جنيه ويليه بنك قطر الوطنى بقيمة 2.3 مليار جنيه ثم HSBC بـ1.8 مليار جنيه.

واعتبر المصرفيون تقدم عائد أدوات الدين على القروض أمرا طبيعيا فى ظل مواصلة معدلات التوظيف بالبنوك المحلية تسجيل أدنى مستوياتها خلال 10 سنوات، فضلا عن أن البنوك الحكومية كانت أنشط فى التمويل من نظيرتها الخاصة والأجنبية فى سوق ائتمان الشركات.

يشار إلى أن بيانات البنك المركزى كشفت عن تسجيل معدل التوظيف «القروض إلى الودائع» بالقطاع المصرفى ككل %42 نهاية سبتمبر الماضى، فى مقابل %41 فى سبتمبر 2014، فى حين أنه كان يتعدى مستوى %52 قبل اندلاع ثورة يناير بعام 2011.

وأظهر المسح تراجع مساهمة ثالث أهم مصدر لإيرادات البنوك المتمثل فى الأتعاب والعمولات من %11.20 إلى %10.35 لإجمالى الإيرادات، رغم زيادة عائدها بحوالى 1.2 مليار جنيه لتصل إلى 7 مليارات جنيه.

ولم تحقق البنوك طفرة فى دخلها من المتاجرة الناتج عن التعامل فى العملات الأجنبية وذلك فى إشارة واضحة على تأثر تعاملات البنوك بنشاط السوق الموازية للعملة، إذ كشف المسح عن زيادة لا تتعدى 58 مليون جنيه فى إجمالى دخل المتاجرة لتبلغ 1.5 مليار بنهاية سبتمبر الماضى وبنسبة مساهمة لا تتعدى %2.19 فى إجمالى الإيرادات.

وجاءت أرباح الاستثمارات المالية فى المرتبة الأخيرة من حيث المساهمة فى مجمل إيرادات البنوك الخاصة وبنسبة لا تتخطى %0.64 وبقيمة تبلغ 433 مليون جنيه.

من جانبه قال ماجد فهمى، عضو مجلس إدارة بنك التعمير والإسكان، إن مساهمة أدوات الدين الحكومية بالنسبة الأكبر فى إيرادات البنوك أمر متوقع فى ظل تباطؤ حركة الاقتصاد وتأثرها بالعديد من التحديات خلال الفترة الماضية، وعلى رأسها أزمة نقص العملة الأجنبية.

وأضاف أن النشاط الائتمانى لم يستوعب الزيادة فى ودائع البنوك المحلية الأمر الذى يفرض توجيه جميع فوائض السيولة إلى الاستثمار فى أدوات الدين الحكومية التى تحقق عائدا جيدا وسط معدل مخاطر أقل.

وتابع: إن انتعاش منح القروض مرتبط إلى حد كبير برواج الاقتصاد وزيادة الاستثمارات الخاصة، وهو ما لا يحدث خلال الفترة الماضية التى سيطر عليها تمويل الهيئات والشركات الحكومية لاسيما بقطاعى البترول والكهرباء.

وأكد أن حركة الاقتصاد المحلى بطيئة نتيجة ضعف الاستثمارات الأجنبية المباشرة والتداعيات السلبية لعدد من القطاعات الاقتصادية المهمة، كالسياحة، فضلا عن أن مصر ليس بمعزل عن بطء الاقتصاد العالمى وتبعات انهيار أسعار النفط.

وتوقع "فهمي" استمرار استحواذ عائد أدوات الدين على النسبة الأكبر من الإيرادات رغم ارتفاع تكلفة الأموال بالبنوك المحلية بعد زيادة عائد الشهادات الادخارية والودائع لاسيما بعد اتجاه المركزى المصرى لرفع الفائدة بخمسين نقطة أساس فى آخر اجتماعات لجنة السياسة النقدية بنهاية العام الماضى.

ورغم أن عددا كبيرا من البنوك الخاصة لم يرفع العائد على الشهادات والودائع حتى الآن، إلا أن «فهمى» يرى أن البنوك مجبرة على تلك الخطوة مستقبلاً للحفاظ على قاعدة عملائها، قائلاً إن العملاء يبحثون عن أعلى عائد ممكن على مدخراتهم ويمكن ان يتركوا البنك ذا العائد الأقل بكل سهولة.

وأكد عضو مجلس إدارة بنك التعمير والإسكان أن عام 2016 صعب على البنوك المحلية، متوقعاً عدم تحقيق طفرة قوية فى الأرباح على غرار السنوات الماضية التى حققت فيها البنوك معدلات نمو تخطت %300.

ولفت إلى ان العائد على أدوات الدين بدأ يتحرك ويرتفع وهو ما يعوض جزءا من ارتفاع الفائدة خلال الفترة الأخيرة، إلا أن متطلبات البنك المركزى الأخيرة والقواعد التنظيمية من شأنها أن تنعكس على ربحية القطاع، فضلا عن أن الترقب هو سيد الموقف حالياً فى ظل عدم وضوع رؤية والحديث عن احتمالات وقوع أزمة مالية عالمية جديدة جراء بطء نشاط الصين وتهاوى أسعار النفط، وانعكسات ذلك على استثمارات الخليج والعمالة المصرية بالخارج.

من جهته قال محمد بدرة، الخبير المصرفى، أنه لا خلاف على أن معدل التوظيف القروض إلى الودائع منخفض، وبالتالى تراجع نسبة مساهمة الائتمان فى إيرادات البنوك منطقى ومتوقع.

ولفت إلى أن ضعف الاستثمارات الخاصة سبب رئيسى فى عدم رواج الإئتمان بشكل كبير وتوجيه السيولة المعطلة إلى الاستثمار فى أدوات الدين الحكومية، مشيراً إلى أن مؤشرات المركزى أظهرت أن ودائع القطاع المصرفى تتخطى 1.872 تريليون جنيه تبلغ استثمارات فى الأوراق المالية نحو تريليون جنيه، فيما لا يتعدى ما يتم توجيه نحو 787 مليار جنيه للائتمان.

وتابع: إن استحواذ الاستثمارات فى أدوات الدين على النسبة الكبرى، من الودائع وراء ارتفاع نسبة مساهمتها فى إيرادات البنوك، متوقعاً استمرار هيمنة إيراداتها مع تضاؤل نسبتها تدريجياً خلال الأجل المتوسط.

واستند بدرة فى توقعاته إلى خطط البنوك المستقبلية التى ترمى إلى زيادة نسبة محفظة المشروعات الصغيرة والمتوسطة إلى %20 من إجمالى المحفظة الائتمانية للبنوك، فضلا عن البدء فى تنفيذ مشروعات تنمية إقليم قناة السويس من ِشأنها رواج الائتمان.

وشدد على ضرورة نشاط الاستثمارات الخاصة لاسيما فى ظل سيطرة الاستثمارات الحكومية الفترة الماضية على الجزء الأكبر، مبدياً تخوفه من تداعيات تباطؤ الاقتصاد العالمى على معدلات نمو الناتج المحلى الإجمالى التى من شأنها التأثير سلبياً على نشاط الائتمان بالبنوك.

وأبدى آمله أن يحفز مخطط الحكومة لتوسيع قاعدة الملكية فى عدد من استثماراتها سواء بالشركات او البنوك فى جذب استثمارات جديدة تضخ داخل السوق المحلية مع تسريع وتيرة تنفيذ المشروعات

ليست هناك تعليقات