ايهما يسبق الاخر المصنع ام الجامعة


ايهما يسبق الاخر المصنع ام الجامعة

المصنع اولا وسيظل اولا الى ان يحل محله اسلوب انتاج جديد
د. ندى الغاد
الصناعة هي التي بادرت بتطوير الجامعات .. وحطمت التقليد وفرضت الجديد
وما زالت تفرض على الجامعات كل ما تريد .. فمن يظن ان تطور التعليم يحدث بارادة حكومية فهو مخطيء لان مصدر الفعل الاساس يفرضه التطبيق العملي وليس الفكرة ..
لما كانت نقطة الحوار تطرح سؤالا حول من الذي له الدور الرائد في تطور الدول والمجتمعات هل هو الاقتصاد بمعنى نمط الانتاج الاقتصادي وفي عصرنا هو نمط الانتاج الصناعي ام التعليم عبر المدرسة والجامعة اللتان توفران المعارف العلمية
واذا تناولنا الموضوع من حيث تاريخ النشأة أي ايهما اقدم بالظهور الجامعات ام المصانع ، فالجامعات كمؤسسات اقدم بكثير من المصانع حيث تعتبر جامعة بولونيا في روما، أول جامعة ، إذ تأسست عام 1088 تعود أصول العديد من جامعات القرون الوسطى إلى المدارس الكاثيدرائية المسيحية أو مدارس الرهبانية التي تعود إلى القرن السادس الميلادي، وقد عملت هذه المدارس كمدارس لمئات من السنين قبل أو تتحول إلى جامعات في العصور الوسطى.
وكان هناك مؤسسات التعليم العالي الأخرى قائمة في كل من اليونان القديمة وروما القديمة والإمبراطورية البيزنطية والعالم العربي والهند والصين وعدد من بلدان امريكا اللاتينية لاحقا.
وكانت هذه الجامعات تدرس اساسا علوم اللاهوت والدين و الفلسفة وعلوم القانون والطب لاحقا .
والجامعة وفق الاسس التقليدية المتعارف عليها هي مؤسسة أوروبية بامتياز فيها ترسخت قواعد اختيار المعلمين وطرق التدريس ، والحقوق وتحديد ووضع المناهج (المقررات الدراسية) وأهداف البحث، وكذلك منح الدرجة العلمية المعترف بها ، والكليات الأربع التي كانت معروفة في العصور الوسطى بأشكالها المختلفة فهي: الفلسفة والاداب والفنون والعلوم والعلوم الإنسانية – القانون والطب واللاهوت، وقد تكون منها تخصصات فرعية عديدة خاصة العلوم الاجتماعية والدراسات التقنية. والعلوم والمعرفة الأكاديمية وأساليب المعرفة التي نشأت وشكلت جزءاً من التقاليد الفكرية الأوروبية.
ويؤرخ المؤرخون ظهور الجامعات في العالم وفق التسلسل التالي :
أوروبا الغربية: منذ القرن الحادي عشر/ القرن الثاني عشر الميلادي
أوروبا الشرقية: منذ القرن الرابع عشر/ القرن الخامس عشر الميلادي
الأمريكيتين: منذ القرن السادس عشر الميلادي
أستراليا: منذ القرن التاسع عشر الميلادي
آسيا وأفريقيا: منذ القرن التاسع عشر/ القرن العشرين الميلادي، عدا الفلبين حيث أسست جامعة سانتو توماس وجامعة سان كارلوس في القرنين السابع عشر والقرن السادس عشر على التوالي.
وتشير الوثائق التاريخية الى ان اقدم جامعات العام هي جامعة بولونيا كما ذكرنا تاسست عام 1088 تلتها جامعة باريس تأسست في منتصف القرن الثاني عشر، ثم جامعة أوكسفورد حصلت على الميثاق الباباوي عام 1254. وجامعة كامبردج حصلت على الميثاق الملكي عام 1231، جامعة سلامنكا في اسبانيا عام 1218، جامعة بادوا 1222 بايطاليا، جامعة نابولي بايطاليا والتي تعتبر اول جامعة حكومية في العالم سنة 1224 جامعة سيينا 1240 بايطاليا .
وما ان جاء عام 1500 حتى كان في غالبية الدول الأوروبية جامعات وبعد ذلك بدأت الجامعات في الانتشار إلى البلدان الأخرى في جميع أنحاء العالم.
اما المصانع فقد نشأت في القرن الثامن عشر مع الثورة الصناعية الكبرى في اوروبا واحدثت تطورا صناعيا شمل العديد من الميادين فازدهرت صناعة الغزل والنسيج وظهرت المصانع والأفران عالية الحرارة لصهر الحديد. وأصبحت الآلات بحاجة إلى مصادر جديدة للطاقة فاستخدم الفحم الحجري ثم البخار فالكهرباء في تشغيل المحركات والآلات وفي تسيير البواخر والقاطرات
ولكن ورغم اقدمية نشوء الجامعات وانتشارها الا تركيزها كان على العلوم اللاهوتية والادبية والفلسفة الى ان جاءت الثورة الصناعية الكبرى فحطمت المفاهيم القديمة وادخلت قيما ومفاهيم جديدة، حيث لم تعد الدراسة الجامعية مجرد نظرية ميتافيزيقية بعيدة عن الحياة, بل صارت دراسة حية , جعلت من الجامعة جزءا من الحياة , لا برجا عاجيا معزولا عنها , ومن ثم ضمت الجامعات إلى كلياتها التقليدية – الكليات التكنولوجية والطب والهندسة والزراعة والصيدلة وكافة انواع العلوم الفيزياء والكيمياء والاحياء ولكل منها له العديد من التفرعات. فوفرت القوي العاملة المدربة التي يحتاجها الاقتصاد الجديد وكانت هذه النقلة من أهم العوامل التي ساعدت في تحقيق هذا الإنجازات الاقتصادية الهائلة فيما بعد, وكلما تطورت الصناعة احتاجت الى المهارات الجديدة التكنولوجية والإدارية في الصناعة, فتتجاوب معها الجامعات ومعاهد التعليم العالي, بتوفير التعليم والتدريب المناسبين لهذا الإنجاز.
ومما تقدم يظهر بجلاء ان الذي يحدد طرق التدريس والمناهج ومقررات الجامعة هو نمط الانتاج الاقتصادي 

هناك تعليق واحد: