الاعلام الاقتصادي الجزء الخامس عشر ماذا تعني التنمية؟


الاعلام الاقتصادي الجزء الخامس عشر
ماذا تعني التنمية؟
بعد ان بينا في الاجزاء السابقة خرافة ان النهضة الاقتصادية وتطور المجتمعات يحدثه التعليم وعرضنا تفاصيل دقيقة عن تجارب اليابان وماليزيا وكوريا وهي الدول التي يشير لها بعض مثقفي العرب اصحاب نظرية التعليم اساس النهضة والتطور ويدعون ان هذه البلدان نهضت بعد ان طورت تعليمها 
وبينت خرافة هذا النظرية ..
والان ننتقل الى مجال اخر مجال حيوي جدا مجال يرتبط مباشرة بخطوات عملية لتحقيق التطور والنهضة الاقتصادية وبالتالي الاجتماعية والسياسية وكافة جوانب الحياة
والخطوة الاولى تبدأ بان نتعرف على ما هي التنمية
ماذا تعني التنمية ؟ :
التنمية عملية شاملة تتناول جوانب الحياة المختلفة السياسية والاقتصادية. من جانب أخر تعد التنمية عملية مركبة ومتعددة الجوانب،وهي تعني على المستوى الفردي تحسنا في مستويات المهارة والكفاءة الإنتاجية والحرية والابداع والاعتماد على الذات وتحمل المسؤولية وتحديدها اْن تحقيق أي جانب من جوانب التنمية انما يرتبط ارتباطا وثيقا بوضع المجتمع باكمله على المستويين الداخلي والخارجي وفي اطار الجانبين السياسي والاقتصادي. بدأ تداول مفهوم التنمية في النصف الثاني من القرن العشرين نتيجة للتغيرات التي حدث على الساحة العالمية، خاصة نهاية الحرب العالمية الثانية، وحصول العديد من دول العالم الثالث على استقلالها، ويرتبط مفهوم التنمية عادة بالجانب الاقتصادي ويتم الخلط بينه وبين مفاهيم اخرى التقدم والتطور ويعود هذا الخلط الى أن فكره التنمية كان قد تم فهمها على انها عملية اقتصادية بحته مرتبطه بزيادة الناتج الوطني.
وقد شهد منتصف عقد التسعينيات من القرن الماضي بداية حملة مراجعة نقدية لمفهوم التنمية ونماذجها كرد فعل لازمة جهود التنمية في العالم الثالث التي فضحت قصورالجوانب النظرية والتنفيذية لبرامج التنمية، وعموما يمكن القول بأن التنمية هي عملية مستمرة ومتصاعدة تعبر عن أحتياجات المجتمع وهي عملية مجتمعية يجب ان تساهم فيها كل قطاعات الشعب وهي عملية واعية أي انها ليست عشوائية وانما محددة الغايات والوسائل وهي تسعى لايجاد تحولات هيكلية فيجميع الأطر الاقتصادية والزراعية والصناعية والخدمية والاجتماعية والسياسية. والتنمية عملية تتطلب توافر قدر من حالة الابداع الحضاري وهذا يحتاج كشرط اول الى وجود بلد مستقل ومحقق لوحدته الوطنية ومتجاوز لمشاكل الهوية ومحافظا على قدر معقول من الاستقرار السياسي
انواع التنمية ..
تختلف أشكال التنمية تبعا لأختلاف مرتكزاتها فهناك التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنمية الثقافية .. :
1 - التنمية السياسية :
يعتقد الموند باول أن التنمية السياسية تمثل استجابة النظام السياسي للتغيرات في البيئة المجتمعية والدولية وبالذات استجابة النظام لتحديات بناء الدولة. و تبعا لباول تتمثل معايير التنمية السياسية في التمايز البنيوي واستقلالية النظم الفرعية وعلمانية الثقافة. اما لوسيان باي فقد وضع قائمة شاملة نسبيا للتعريفات المختلفة لمفهوم التنمية السياسية ومنها أن التنمية السياسية هي المطلب السياسي للتنمية الاقتصادية. أو التحديث السياسي أو هي التعبئة والمشاركة الجماهيرية، بالأضافة الى الديمقراطية و التنمية الأدارية والقانونية وهي أيضا جانب من جوانب عملية التغيير الاجتماعي.
2 - التنمية الاقتصادية :
وتعني التنمية الاقتصادية احداث تغييرات جذرية في هيكل الاقتصاد القومي تؤدي الى زيادة ملحوظة ومستمرة في معدل نمو الدخل القومي بحيث تؤدي هذه الزيادة من التغلب على المشاكل التي تواجهها الدولة مما يترتب عليه ارتفا في مستوى معيشة الافراد، كما هو الحال في ماليزيا. وتتضمن التنمية الاقتصادية شطرين مكملين لبعضهما هما التنمية الزراعية والتنمية الصناعية.
3 - التنمية الأجتماعية
و هي احداث تغيرات جذرية في مفاهيم و سلوك الفرد تجاه المجتمع بما يترتب على أحساس الفرد بمسؤليته الجماعية في القضاء على المشاكل التي يواجهها المجتمع.
4 - التنمية الثقافية :
وهناك فضلا عما سبق البعد الثقافي للتنمية وتبدأ من الإنسان فمنه وبه تفتح جميع ابواب التنمية، وللتنمية الثقافية ابعادها الشمولية الواسعة فيصبح من خلالها المضمون الجوهري للثقافة وهو عبارة عن تراكم ابداعي عبر مسيرة الحضارة الإنسانية والمعرفة بشتى ابعادها فهي تشمل المعرفة الادبية والفنية والتقنية وتشمل المعرفة في ميادين الاجتماع والسياسة والاقتصاد والادارة والفلسفة وغيرها.
وليس ثمة شك في أن أدارة التنمية لها أهمية كبيرة فمن أهم مضامينها هي قدرتها وفعاليتها في تنفيذ اهداف تنموية مبنية على استراتيجية واضحة تسندها ارادة سياسية جادة، وهذه القدرة وتلك الفاعلية تقتضي الاخذ بالاساليب الادارية الحديثة و تقتضي أيضا وجود الكفاءات البشرية القادرة على تطبيق تلك الاساليب واستيعاب الطبيعة الاستراتيجية للتنمية والدور والاهداف المراد تحقيقها
تعريف كل تنمية على حدة
اولا : التنمية السياسية ..
 لا يمكن ان تتم الا على وقع النمو الاقتصادي
ذكرنا في البوست السابق ان اشكال التنمية تختلف تبعا لأختلاف مرتكزاتها فهناك التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنمية الثقافية .... وتحت كل قسم من هذه الاقسام الرئيسية فروعا للتنمية لتصل مجموع التفرعات الى ما يزيد على 300 فرع
ومن المشاكل الكبرى التي تعتري عملية التنمية السياسية .. وجود اعتقاد سائد وراسخ وقوي وله منظروه وفلاسفته ومفكروه يقول بان التنمية السياسية هي عملية تتم وفق اطار نظري فكري قاعدته ترسيخ الحريات وتثبيت قواعد الديمقراطية ودولة القانون وفصل السلطات وفصل الدين عن الدولة
ويرافق ذلك تحسين اداء المؤسسات الحكومية وتحسين الخدمات المقدمة للجمهور وتعزيز المؤسسات الديمقراطية
واصلاح حالات الضعف والتشوه في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وان ذلك يتم من خلال الحكم الصالح او الادارة الصالحة ..
وهناك مئات بل الاف المفكرين والباحثين وممن يصنفون ضمن قائمة الخبراء والعلماء والفلاسفة كل يخوض في جانب من جوانب علم الاجتماع ليصل الى تصور لكيفية تحقيق التنمية السياسية ..
ومهما بحث الباحث الجاد فلن يجد توافقا بين اثنين من هؤلاء الا في الاطار العام فقط ,,,
والاطار العام لا يخرج عن وجهة النظر المثالية القائمة على انه ممكن احداث التنمية من خلال تطور الفكر التنموي او بصياغة اخرى تطور الافكار التنموية .. اي ان جوهر عملية التنمية السياسية هي عملية فكرية
وانا اختلف بشدة مع وجهة النظر هذه مستندة الى انه منذ 100 سنة تقريبا وهؤلاء العلماء يخوضوا في ابحثاهم ونظرياتهم ومحاولاتهم لبلورة رؤية واضحة لتحقيق التنمية السياسية في ما يسمى دول العالم الثالث ولكن كل جهودهم حتى الان ذهبت هباء منثورا ولم تؤد الى اي نتيجة
وفي المقابل لو نظرنا الى دول خرجت منهارة من الحربين العالميتين الاولى والثانية ومع ذلك تمكنت من تحقيق تنمية هائلة شاملة في مختلف المجالات والسبب هو انها استندت الى الاقتصاد الصناعي والتطور الاقتصادي .. وليس الى افكار الفلاسفة ولا الى ابحاث المفكرين
على العموم ما هذه العجالة الا عابرة كون تركيزي ليس على التنمية السياسية او الاجتماعية وانما على التنمية الاقتصادية ولكن وجب التنويه الى ما يقال بشان التنمية السياسية وفي بلادنا العربية وجهة النظر الغالبة تؤمن بنظرية التنمية السياسية من خلال عملية فكرية .. ولذلك ما زالت بلادنا فاشلة ولم تتقدم الا خطوات خجولة على طريق التنمية السياسية
على اي حال لدي الاستعداد الكامل للحوار في هذا الجانب لتبيان المزيد من التفاصيل ومن يرغب بالاطلاع على دراسة قيمة جدا في هذا المجال فاليه الرابط التالي
ثانيا : التنمية الاجتماعية ..
لا يمكن ان تتم تنمية اجتماعية الا على وقع النمو الاقتصادي
-------------------------------------
تعريف التنمية الاجتماعية هو انها :
سلسلة من العمليّات الإدارية، المخطط لها مسبقاً التي تسعى لتحقيق مجموعة من الأهداف التي تقود الطاقات والإمكانات إلى التفاعل والاستغلال الأمثل، وتحفيز جهود الدولة والقطاعات العامة التابعة لها وإيجاد روابط اجتماعيّة بينها وبين القطاع الخاصّ والمواطنين، ويأتي ذلك بأكمله لخلق تغيرات على النشاطات والمجالات الاجتماعيّة السائدة كالقيم والعادات والمعتقدات والنظم والمواقف، دون غياب عنصر الاهتمام بالحاجات الفسيولوجيّة والخدميّة والمعيشية للأفراد، وتثمر التنمية الاجتماعية بتحقيق الرفاهيّة لأفراد المجتمع على الصعيد المادي والمعنويّ.
ويكاد يكون هناك اجماع على هذا التعريف وهذا المفهوم .. وطبيعي ان يكون هناك شبه اجماع طالما ان الاغلبية الساحقة من المفكرين في العالم تقوم افكارهم على النظرية المثالية الميتافيزيقية الفكرية حيث يعتقدوا ان الافكار هي التي تصنع التاريخ وتغير الواقع ..
وهذا غير صحيح اطلاقا حيث تبرهن تجارب شعوب العالم المتقدم ان الافكار لم تكن الدافع الرئيسي والمركزي لتقدمها بل ان الافكار كانت نتيجة للمبادرات في ميدان الاعمال الاقتصادية مما فرض تطور الافكار لتلبية احتياجات تطور وتنمية الاقتصاد
وهذا ينطبق تماما على التنمية الاجتماعية .. فلا يمكن تحقيق تنمية اجتماعية الا على وقع التطور الاقتصادي ..
ومن خلال التمعن في ما يقره الفلاسفة والمفكرون في علم الاجتماع حول الاسباب الجوهرية التي تمنع تحقيق التنمية الاجتماعية ف يالدول المتخلفة يتبين لكم بوضوح مدة صحة ما ندعي
فمن ابرز معوقات التنمية الاجتماعية التي يقرها فلاسفة علم الاجتماع ما يلي :
معوّقات التنمية الاجتماعية
تصنّف العوائق التي تقف في وجه التنمية الاجتماعية إلى عدة أنواع، وهي:
الفساد الإداري،
يخضع الكيان الاجتماعي للتهديد من قبل ظاهرة الفساد الإداري، والتي تعد الأكثر بروزاً من بين الظواهر المجتمعيّة السائدة، فيتمثل ذلك بمنع تحقيق وتنفيذ العمليات المتعلقة بالتنمية الاجتماعية التي تتطلع حكومات الدول إلى تنفيذها، وتعتبر من الظواهر المدمّرة. معوقات اجتماعيّة:
العصبية،
إذ قد يمانع المجتمع من تنفيذ بعض الممارسات المرتبطة بالتنمية الاجتماعيّة نظراً لمخالفتها لمعتقدات يؤمنون بها أو لأسباب مجهولة.
الاستغلال وتعارض المصالح،
تعتقد بعض الجماعات والمواطنين أنهم سيفتقدون للاستقرار والأمان في حال تطبيق مشاريع التنمية الاجتماعيّة.
المنزلة الاجتماعيّة،
ولهذا العائق دور كبير في الحد من تنفيذ مشاريع التنمية، إذ لا تقبل بعض فئات المجتمع امتهان أدوار أخرى غير التي كانت تمتهنها.
معوّقات ثقافية:
تتطلب التنمية الاجتماعية قبل مباشرة العمل بها وضع بنية المجتمع تحت المجهر ودراستها عن كثب، حتى يكون الباحث على علم ودراية بالثقافة التي يؤمن بها ذلك المجتمع حتى لا يترتب على ذلك الفشل لهذه المشاريع.
معوّقات نفسيّة:
ويرتبط هذا النوع بالفرد نفسه، ومدى قابليته للانخراط بالمشاريع والبرامج التنموية المستحدثة في بيئته، ويعتمد ذلك على قبوله أو عدمه المتعلّق بالأهمية والقيمة التي تمتلكها مشاريع التنمية وبرامجها.
معوقات تخطيطيّة: الافتقار للتوازن والتكامل بين شتى القطاعات التي تشتمل عليها الخطة التنمويّة.
كف يد أفراد المجتمع عن المشاركة في العمليّة التنموية، مع العلم أنّ للمشاركة الشعبية أهمية بالغة في رفع مستويات الوعي بمدى أهمية التنمية.
انخفاض مستويات الوعي التخطيطي، والجهل بالمعرفة الفنية والعلمية اللازمتين لرسم أبعاد التخطيط الشامل.
غياب التعاون والتنسيق بين الجهات المختصة بعملية التنمية وخاصة جهازي التخطيط والتنفيذ

باعتقادي انه اصبحت الامور واضحة تماما فكافة البنود الواردة اعلاه هي نتيجة لنمط الانتاج الاقتصادي شبه الاقطاعي المتخلف

ليست هناك تعليقات